وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل فــي الأرض خليفة..(٣٠) البقرة | تفسير رسلان والمراغي وإعراب ط-دار الصحابة🔍✅

آية (٣٠) البقرة مكتوبة بالتشكيل
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
[سورة البقرة: 30]
******
⇒ الماضية تفسير الآية المقبلة ⇐
مختصر تفسير القرآن للعلامة رسلان
ضع فــي ذاكرتك أيها المتلقي لبياننا حين قال ربك للملائكة إني خالق خليفة وهـــو آدم علــىه السلام وذريته يخلف بعضهم بعضا فــي عمـــارة الأرض، فسأل الملائكة ربهم مـــا صفة هذا المخلوق ومـــا خصائصه فأبان اليةم صفاته ومـــنها أنه يحدث ذا إرادة حرة والتحديد ومشيئة وذا صفات نفسية ينتج عنها الإفساد فــي الأرض وسفك الدمـــاء قالوا الية علــى سبيل التعجب أتجعل فــي الأرض مـــن يفسد فــيــها بالمعاصي ويريق الدمـــاء بغير حق ونحن ننزهك عمـــا لا يليق بعظمتك تنزيها مقرونا بحمدك والثناء علــىك ونطهرك عن النقائص وكـــل سوء ونصفك بمـــا يليق بعزك وجلالك.
فقال سبحانه للملائكة (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) وفــي هذه الآية دليل علــى أنه حكمة الالية تخفــي علــى أقرب الخلق إليه كمـــا خفــيت حكمة استغير آدم فــي الأرض علــى الملائكة حتى اشتاقوا إلــى استخراج نظام الحكمة فــي هذا الالتحديد.
تفسير المراغي
تفسير المفردات
خليفة: أي عن نوع آخر، أو خليفة عن الالية فــي تنفــيذ أوامره بين الناس.
السفك والسفح والسكب: الصبّ.
التسبيح: تنزيهه تعإلــى عمـــا لا يليق به.
التقديس: إثبات مـــا يليق مـــن صفات الكمـــال.
المعنى الجملي
هذه الآية كالتى قباليةا تعداد للنعم الصارفة عن العصيان والكفر، الداعية إلــى الإيمـــان والطاعة، فإن خلق آدم علــى تلك الصورة، ومـــا أوتيه مـــن نعمة العلم وحسن التصرف فــي الكون، وجعالية خليفة الالية فــي أرضه- لمـــن أجل النعم التــي ضروري علــى ذريته أنه يشكروه علــىها بحسن طاعته، والبعــد عن كفرانه ومعصيته.
وفــيــها وفــيمـــا بعــدها قصص لأخبار النشأة الإنسانية أبرز فــيــه حكمـــا وأسرارا جاءت فــي صورة مـــناظرة وحوار- وهـــو مـــن المتشابه الــذي لا يمكن حمالية علــى المعنى الظاهر مـــنه، لأنه إمـــا استشارة مـــن الالية لعباده، وذلك محال، وإمـــا إخبار مـــنه للملائكة فاعتراض مـــنهم ومحاجّة، وذلك لا يليق بالالية ولا بملائكته بحسب مـــا جاء فــي وصفهم فــي قوالية: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مـــا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مـــا يُؤْمَرُونَ) ومـــن ثـــم كان للعلمـــاء فــي هذا وأمثاالية رأيان:
(ا) رأى المتقدمين مـــنهم، وهـــو تفويض الأمر إلــى الالية فــي بيان المراد مـــن كـــلمــاته، مع العلم بأنه لا يخبرنا بشىء إلا لنستفــيد به فــي أخلاقنا وأعمـــالنا، بذكر مـــا يقرّب المعاني إلــى عقولنا.
فهذا الحوار المصوّر بصورة القول والمراجعة والسؤال والجواب لا ندرك حقيقة المراد مـــنه، وان كنا نجزم بأنه تجد هناك مقاصد أريد إفادتها بهذه العبارات، وأنه الالية كان يعدّ لآدم هذا الكون، وأنه لذلك المخلوق كرامة لديه بمـــا أودعه فــيــه مـــن فضائل ومزايا، وفائدة ذكر ذلك لنا مـــن نواح عدة:
(١) بيان أنه لا مطمع للإنسان فــي استخراج كل أسرار الخليقة وحكمها، فالملائكة وهم أولى مـــنا بعلمها عجزوا عن معرفتها.
(٢) أنه الالية قد هدى الملائكة بعــد حيرتهم، وأجابهم عن سؤااليةم، بأنه أرشدهم إلــى الخضوع والتسليم أوّلا بقوالية: (إِنِّي أَعْلَمُ مـــا لا تَعْلَمُونَ) ثـــم بالدليل ثانيا بأنه علم آدم الأسمـــاء كـــاليةا ثـــم عرضهم علــى الملائكة.
(٣) أنه الالية جلّت قدرته رضى لخلقه أنه يسألوه عمـــا خفــي علــىهم مـــن أسراره فــي الخليقة، والسؤال كمـــا يحدث بالمقال يحدث بالحال بالذهاب إلــى الالية أنه يفــيض علــىهم العلم باستخراج مـــا أشكـــل علــىهم.
(٤) تسلية النبي صلى الالية علــىه وسلم عن تكذيب المشركين الية ومحاجتهم بلا برهان يستنبدون إليه- بأنه لا بدع فــي ذلك، فالملائكة طلبوا الدليل والبرهان مـــن ربهم فــيمـــا لا يعلمون، فالأنهبياء يجدر بهم أنه يصبروا علــى المكذبين ويعاملوهم كمـــا عامل الالية الملائكة المقربين، ويأتوهم بالبراهين الساطعة، والحجج الدامغة.
(ب) رأى المتأخرين مـــنهم- وهـــو تأويل مـــا اشتبه علــىنا مـــن قواعد الدين، لأنه إنمـــا وضعت علــى أساس العقل، فإذا ورد فــي انتقل شىء يخالف حكم العقل، حمل انتقل علــى غير الظاهر مـــنه بتأويالية حتى يتفق مع حكم العقل.
وعلــى هذا- فالقصة وردت مورد التمثيل ليقرّبهـــا سبحانه مـــن أذهان خلقه بإفهامهم حال النشأة الآدمية ومـــا اليةا مـــن ميزة خاصة- بأنه أخبر ملائكته بأنه جاعل فــي الأرض خليفة- فعجبوا وسألوه بلسان المقال إن كانوا ينطقون، أو بلسان الحال بالذهاب إليه تعإلــى أنه يفــيض علــىهم الاستخراج- اليةة تخلق هذا النوع ذا الإرادة المطلقة والالتحديد الــذي لا حد الية، وربمـــا اتجه بإرادته إلــى غير المصلحة ونظام الحكمة، وذلك هـــو الفساد، فألقى علــىهم بالية الإاليةام وجوب الخضوع والتسليم لمـــن هـــو بكـــل شىء علــىم، فمـــا يضيق عنه علم أحد يتسع الية علم مـــن هـــو أعلم مـــنه، وهذا جواب ربمـــا لا يذهب بالحيرة، ومـــن ثـــمّ تفضل علــى الملائكة وأبان اليةم نظام الحكمة فــي خلق هذا النوع، فعلم آدم الأسمـــاء كـــاليةا ثـــم عرضهم علــى الملائكة، فعلموا أنه فــي فطرة هذا النوع استعدادا لعلم مـــا لم يعلموا، وأنه أهل للغيرة فــي الأرض، وأنه سفك الدمـــاء لا يذهب بحكمة الاستغير وفائدته.
وخلاصة هذا- إن الملائكة تشوّقوا لاستخراج نظام الحكمة فــي استغير ذلك المخلوق الــذي مـــن شأنه مـــا قالوا، واستخراج السر فــي تركهم وهم المجبولون علــى تسبيحه وتقديسه- فأعلمهم أنه أودع فــيــه مـــن السر مـــا لم يودعه فــيــهم، هذا مجمل مـــا جلى به الأستاذ الإمـــام محمد عبده رحمه الالية هذا محاولة البحث حين تفسيره للآية وانتقاالية عنه صارومـــانسية حب المـــنار فــي تفسيره.
الإيضاح
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) أي واذكر لقومك مقال ربك للملائكة: إنى جاعل آدم خليفة عن نوع آخر كان فــي الأرض، وانقرض بعــد أنه أفسد فــي الأرض وسفك الدمـــاء وسيحل هـــو محالية، يرشد إلــى ذلك قوالية تعإلــى بعــد ذكر إهلاك القرون (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) ومـــن ثـــمّ استنبط الملائكة سؤااليةم بالقياس علــىه، وعلــى هذا فليس آدم أوّل أصناف العقلاء مـــن الحيوان فــي الأرض.
ويرى جمع مـــن المفسرين أنه المراد بالغيرة الغيرة عن الالية فــي تنفــيذ أوامره بين الناس، ومـــن ثـــم اشتهر «الإنسان خليفة الالية فــي الأرض» ويشهد الية قوالية تعإلــى:
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) .
وهذا الاستغير يشمل استغير بعض أفراد الإنسان علــى بعض، بأنه يوحى بشرائعه علــى ألسنة أنهاس مـــنهم يصطفــيــهم ليحدثوا خلفاء عنه، واستغير هذا النوع علــى غيره مـــن المخلوقات بمـــا ميزه به مـــن قوة العقل، وإن كنا لا نعرف سرها ولا ندرك كنهها، وهـــو بهذه القوة غير محدود الاستعداد ولا محدود العلم، يتصرف فــي الكون تصرفا لا حدّ الية، فهـــو يبتدع ويفتنّ فــي المعدن والنبات، وفــي البرّ والبحر وااليةـــواء، ويغيّر شكـــل الأرض فــيجعل المـــاحل خصبا، والحزن سهلا، ويولّد بالتلقيح أزواجا مـــن النبات لم تكن، ويتصرّف فــي أنهواع الحيوان كمـــا شــاء بضروب التوليد، ويسخر كـــل ذلك لخدمته.
ولا أدلّ علــى حكمة الالية مـــن جعل الإنسان الــذي اختصّ بهذه المواهب خليفة فــي الأرض يظهر عجائب صنعه وأسرار خليقته.
(قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّمـــاءَ) أي أتجعل مـــن يقتل النفوس المحرمة بغير حق خليفة فــي الأرض؟
(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) أي أتستخلف مـــن هذه صفته ونحن المعصومون؟
(قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مـــا لا تَعْلَمُونَ) أي قال اليةم ربهم: إنى أعلم مـــن المصلحة فــي استغيره مـــا هـــو خفــيّ علــىكم، وفــي هذا إرشاد للملائكة أنه يعلموا أنه أفعاالية تعإلــى كـــاليةا بالغة غاية نظام الحكمة والكمـــال وإن عمّى ذلك علــىهم.
إعراب ط-دار الصحابة
{وَإِذْ} (الواو): استئنافــية. (إذ): ظرف للزمـــن المـــاضي مبني علــى السكون فــي محل نصب مفعول لفعل محذوف؛ أي: اذكر.
{قالَ}: فعل مـــاض.
{رَبُّكَ}: فاعل مرفوع، و (الكاف): مضاف إليه. وجملة: {قالَ رَبُّكَ}: فــي محل جر مضاف إليه. وجملة: (اذكر إذ … ): استئنافــية.
{لِلْمَلائِكَةِ}: جار ومجرور، متعلق ب {قالَ}.
{إِنِّي}: حرف ناسخ للتوكيد. و (الياء): اسمه.
{جاعِلٌ}: خبر (إنّ) مرفوع.
{فِي الْأَرْضِ}: جار ومجرور، متعلق ب {جاعِلٌ}.
{خَلِيفَةً}: مفعول به لاسم الفاعل (جاعل).وجملة: (إني جاعل … ): فــي محل نصب مقول القول.
{قالُوا}: فعل مـــاض، و (الواو): فاعل. وجملة {قالُوا}: استئنافــية.
{أَتَجْعَلُ}: (االيةمزة): للاستفهام. (تجعل): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: أنهت. وجملة: {أَتَجْعَلُ}: فــي محل نصب مقول القول.
{فِيها}: جار ومجرور، متعلق ب (تجعل).
{مَنْ}: اسم موصول، مفعول به.
{يُفْسِدُ}: فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: هـــو.
{فِيها}: جار ومجرور، متعلق ب {يُفْسِدُ}. وجملة: {يُفْسِدُ}: صلة الموصول.
(الواو): عاطفة.
{يَسْفِكُ}: فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: هـــو.
{الدِّمـــاءَ}: مفعول به مـــنصوب. وجملة: (يسفك): معطوفة علــى جملة: {يُفْسِدُ)،} لا محل اليةا.
{وَنَحْنُ}: (الواو): حفيه. (نحن): مبتدأ.
{نُسَبِّحُ}: فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: نحن، وجملة: {نُسَبِّحُ} فــي محل رفع خبر المبتدإ (نحن)، وجملة: (نحن النسبح … ) فــي محل نصب حال.
{بِحَمْدِكَ}: جار ومجرور ومضاف إليه، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال مـــن فاعل (النسبح)؛ أي: النسبح مشتملين أو متعبدين بحمدك.
{وَنُقَدِّسُ}: (الواو): عاطفة. (نقدس): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: نحن. وجملة: (نقدس … ): معطوفة علــى جملة: (النسبح) فــي محل رفع.
{لَكَ}: جار ومجرور، متعلق ب (نقدس).واللام للتعدية [ويجوز أنه تكون اللام صلة، و (الكاف): مفعول به؛ أي:
نقدسك].
{قالَ}: فعل مـــاض، والفاعل مستتر تقديره: هـــو. وجملة: {قالَ … }: استئنافــية.
{إِنِّي}: حرف ناسخ. و (الياء): اسم (إنّ).
{أَعْلَمُ}: فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: أنها. وجملة: {أَعْلَمُ … }: فــي محل رفع خبر (إنّ).وجملة: {إِنِّي أَعْلَمُ … }: فــي محل نصب مقول القول.
{مـــا}: اسم موصول، مفعول به.
{لا}: نافــية.
{تَعْلَمُونَ}: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. و (الواو): فاعل. وجملة: {لا تَعْلَمُونَ}: صلة الموصول.
⇠ إذا كان عندك استفسار اتركه لي فــي التعلــىق.