“كافور الاخشيدي” العبد المخصي الــذي حكم مصر
“كافور الإخشيدي ” العبد المخصى الذى حكم مصر !!
هل سمعت يومًا عن كافور الإخشيدي ؟ إنه أحد أشهــر حكام مصر فــي عصر الدولة الإخشيدية، وقد سميت بهذا الاسم النسبة لمؤسس الدولة محمد بن طغج الإخشيدي، والإخشيد هـــو لقب وليس اسم يعني بلغة أهل فرغانة (أحد أقاليم مـــا وراء النهر، قرب باكستان حاليًا) ملك الملوك، وكان محمد بن طغج ينتمي إلــى ملوك فرغانة، ثـــم التحق بخدمة والي مصر ومرت الالأيام وأصبح هـــو والي مصر، وفــي أحد الالأيام اشترى عبدًا أسود بصاص (أي لعينيه بريق) مشقوق الشفاه، وقد أطلق علــىه اسم كافور الإخشيدي، ثـــم أعتقه وقربه مـــنه وجعالية مـــن كبار قواده لمـــا رأى فــيــه مـــن عزم وحزم وحسن تدبير.
هـــو أبو المسك كافور بن عبد الالية الإخشيدي، وكان يعرف بلقب اللابي النسبة إلــى إقليم اللاب بالسودان، وعرف أيضًا بلقب الليث (وفقًا لمـــا ذكره ياقوت الحموي فــي معجم البلدان)، وقد أجمع المؤرخون علــى أنه كان عبدًا، خصيًا، رومـــانسية حبشيًا أسود اللون، قبيح الشكـــل ثقيل الوزن، وقد اختلفت المصادر فــي إختيار مولد كافور، وأشار البعض أنه ولد فــي عام 308 هجريًا علــى أساس أنه جُلب لمصر وهـــو فــي سن 14 عامـــا، وقد اشتراه تاجر زيت ثـــم باعه إلــى محمود بن وهب بن عباس الكاتب، ثـــم اشتراه مـــنه الإخشيدي.
قام محمد بن طغج الإخشيدي بتربية كافور وتعلــىمه فنون القتال، بالبالاضافة لذلك إلــى اللغة العربية، والالأكاونت، والعلوم الشرعية وحفظ القرآن، ثـــم جعالية مـــن المقربين حتى أصبح أقرب المقربين إليه ثـــم أعتقه، وتتعلم فــي بلاطه شؤون الدولة، وأصبح مـــن كبار قواد محمد بن طغج، فعهد إليه بتربية ولديه أبي القاسم أنهجور وأبي الحسن علــى، وأصبح لقب كافور الإخشيدي الأستاذ.
وعمل كافور علــى إخمـــاد الفتنة التــي نشبت فــي دمشق بأهدافك نهب خزائن الإخشيد، فقام بجمع الأموال ووضعها فــي أكياس وربط الأكياس بالحجارة ووضعها فــي بركة، إلــى أنه خمدت الفتنة، كمـــا وكـــل إليه الإخشيد قيادة الجيش فــي مواجهة سيف الدولة الحمداني، فــي معركة قرب مدينة حلب وانتصر فــيــها كافور.
توفــي محمد بن طغج وتولى نظام الحكم ابنه أنهجور، بعــد أنه أقره الخليفة العباسي المطيع لالية علــى مصر والشام، وكان أنهجور لا يزال صغيرًا عمره 14 عامـــا، فتولى الوصاية مربيه أبو المسك كافور، وأصبح هـــو الحاكم الفعلــى للبلاد إلــى أنه توفــي أنهجور وهـــو فــي عمر 25 عامـــا، وتولى أخوه علــى بن الإخشيد وكان كافور وصيا علــىه أيضًا، ودام حكم أبي الحسن علــى بن الإخشيدي 6 أعوام، وتوفــي علــى بن الإخشيد وظلت مصر الأيام ببدون أمير، وكان كافور يدبر الأمور كالمعتاد حتى ورد كتاب مـــن الخليفة المطيع بتقليده حكم مصر فانفرد بنظام الحكم حتى مـــات سنة 357 هجريًا.
يرى بعض المؤرخون أنه الفضل فــي بقاء الدولة الإخشيدية يرجع لكافور الإخشيدي، فالفاطميون الــذين بنوا دولتهم فــي المغرب كـــلمـــا فكروا فــي غزو مصر تذكروا كافورًا فقالوا: لن نستطيع فتـــح مصر بدون زوال «الحجر الأسود» و يقصبدون بذلك كافور، وفعلا لم يحصلكن جوهر الصقلي القائد الفاطمي مـــن دخول مصر إلا بعــد موته.
كافور فــي عين المؤرخين ☟
صنع كافور الإخشيدي دولة مستقلة فــي مصر، وكان كمـــا يصفه المؤرخون كريمًا سخيًا، عظيم الحرمة، خبيرا بالسياسة، فطنا ذكيًا، متميز العقل، مرومـــانسية حبًا للعلم قرب العلمـــاء إليه، فكان مـــن جلسائه جعفر بن الفرات أحد رجال الحديث، وإبراهيم بن عبد الالية النيجيرمي، وأبو عمر الكندي الــذي ألف كتاب «فضائل مصر» بناًء علــى طلب كافور الإخشيدي.
وصفه الإمـــام الذهبي فــي سير أعلام النبلاء «كان مهابا سائسًا، حليمًا جوادًا، لا يشبه عقالية عقول الخدام»، كمـــا وصفه ابن كثير فــي الخطوة الأولى والنهاية «أنه كان شهمًا، شجاعًا، ذكيًا متميز السيرة»، كمـــا مدحه الشعراء مـــنهم المتنبي.
المتنبي و كافور الإخشيدي ☟
أبو الطيب المتنبي هـــو شاعر العربية الكبير الــذي ملأ الدنيا وشغل الناس بقصائده العظيمة خاصة تلك التــي مدح فــيــها الأمير سيف الدولة الحمداني، وكان المتنبي مـــن المقربين لسيف الدولة، وعاش فــي بلاطه زمـــنًا يمدحهم فــي كـــل مـــناسبة ولم تنقطع وشايات أعداء المتنبي للوقيعة بينه وبين سيف الدولة، وانتهى الأمر برحيل الشاعر متجهًا إلــى مصر التــي كان يحكمها ظلها كافور.
نزل المتنبي فــي بلاط كافور عام 346هـ، فأكرمه وأحسن استقباالية، وأخلى الية دارًا وحمل إليه العديد مـــن المـــال، وصار المتنبي يمدح كافورًا، لكن المتنبي طمع فــي أنه يوليه إقليمـــا مـــن أقاليم دولته وطلب ذلك صراحة، لكن كافور رفض فقرر المتنبي االيةروب مـــن مصر فــي يوم عرفة سنة 450 هـ.
واانتقالبت قصائد المدح لكافور إلــى قصائد هجاء مُر، وأخذ يُعيره بلونه وعبوديته، ولولا هجاءُ المتنبي لكافور لكان كافور مثلاً يحتذي لطموحه، فحياته قصة صعود عبد يُباع بدنانير معدودة اجتهد إلــى أنه أصبح مقرَّبًا مـــن الوالي المصري، ثـــم تولَّى زمـــام الأمور وأصبح هـــو والي مصر، ليس هذا فقط بل اكتسب رومـــانسية حبَّ الناس، ورِضاهم بعــدالية وإدارته الحكيمة، كمـــا كان كثير التواضع لم تأخذه العزة بنظام الحكم، وكان كثير الصدقات، كثير الاحترام لأهل البيت، عارف بالناس وأساليب احتوائهم، فكان بين اللين والشدة، وبين العطاء، والحلم والغضب، لذلك يرى العديد مـــن المؤرخين أنه المتنبي تجنى وظلم كافورا،.
وفاة كافور الإخشيدي ☟
توفــي كافور بمصر فــي شهر جمـــادى الأول سنة 357 هجريا، وكانت إمـــارته علــى مصر 23 سنة استقل مـــنهم بنظام الحكم سنتين فقط وقد حمل تابوته ودفن فــي القدس.