قصص وروايات

سيبقى خالد فــي الصميم(الفصل الثاني)

الفصل الثاني

السفر

بينمـــا كنت اتابع التلفاز ترددت علــى مسمعي جملة كانت كفــيلة بأنه تقلب حياتي رأساً علــى عقب ، سمعت المذيعة فــي أحد البرامج التلفزيونية تقول : إن واجهت الحياة بنفس الاسلوب فلا تأمل بتغير الحال .

استمر صدى هذه الجملة يرن فــي أذني إلا ان قررت القرار الحاسم وهـــو السفر .

لعلــى ان غيرت اسلوب حياتي وروتيني حيث اليومي يتغير حالي للأشهر واحقق ذاتي.

مـــنذ أنه قررت السفر وانا اشعر بطاقة غريبة وقوية تبعث فــي نفسي الأمل بغدٍ أشهر.

لكن إلــى أين الرحيل ؟ ومـــاذا سأفعل إن رحلت ! واليةة سأبتعد عن أبي؟

فكرت ملياً ثـــم قررت بأنه ارحل إلــى بلدة صديقي  نجيب ، فقد كانت قناعتي بأنه الأشخاص هم مـــن يجعلون المكان جميل ومريح وإن أجمل الأمـــاكن بوجود أشخاص سيئين يصبح كالجحيم بأعيننا.

راسلت نجيب من خلال مواقع التواصل الاجتمـــاعي وسألته عن إمكانية قدومي إليه وفــي حال وجود عمل يناسبني ، فأرسل إلي حالاً كم كبير مـــن الرسائل يمن خلال فــيــها عن فرحه بقدومي وبإننا سنقضي ظل جميل وممتع وشجعني كثيراً بوصفه المدينة التــي يعيش فــيــها وبأنه الفرص العمل كثيرة تجد هنا وأنه سيتدبر أمر توفــير السكن والعمل لي ، شعرت عندها بأمـــان وسالعودةة عارمة بأنه لدي صديق مثل نجيب والنسيان ظلم الحياة التــي لم تعطني مـــنذ قدومي إليها سوا الفقد والعجز والقهر وحمدت ربي علــى نعمة الصديق الودود الــذي لم تغيره الالأيام ولا البعــد …وقررت السفر….

بينمـــا  كنا نتناول الطعام اغتنمت الفرصة وجود علينا علــى الطاولة وعلــى رأسهم أبي وقررت أنه اخبره بأنهني أريد ان أسافر

وعندمـــا بدأت الحديث واخبرته بقراري تغيرت ملامحه وعلقت اللقمة فــي فمه وتلعثـــمت عباراته ثـــم نظر إلي نظرة حنان وقال لي : لِمَ يا بني؟؟!

نظرت إليه وجمدت بدون أي إجابة …..

مـــاذا عساي أقول الية ؟! …هل اخبره بأنهني لم أعد أطيق العيش تجد هنا

هل اخبره أنهني لا اعود للمـــنزل لحين رجوع أخي عابد مـــن فــي المدرسة وكأنهي بدوام عمل لكن مـــن غير أجر ومـــن غير تعب جسدي بل تعب نفسي أشد بكثير مـــن أي تعب

هل اخبره بعزلتي ووحدتي واشتياقي لأمي وشعوري بعجزي عندمـــا ينتهي يومي بدون ان ادرس ومـــن غير عمل ومـــن غير أي فائدة وكأنهني نكرة امشي بهـــامش الالية بدون ان يلاحظني أي احد مـــن المـــارة.

مـــاذا عساي أنه اخبرك يا أبي ؟! هل اخبرك بجرحي الــذي طالمـــا أخفــيته بصدري كي لا أزيد همومك ومشاكـــلك مع ثريا ؟

كي لا أزيد كره ثريا لي بدون سبب فــيصبح لديها السبب الكافــي ليرتاح ضميرها وتجد مبرر لسوء تصرفاتها معي؟

كي يزداد كرهي لنفسي وانا اراك تعيس بسببي؟

لا يا أبي لم ولن اخبرك 

دعني اذهب….

دعني اذهب وحسب….

 عم الصمت المكان إلــى ان كسرته ثريا بتشجيعها للفكرة وهي تخفــي بين سطور عباراتها فرحة عارمة بأنها وأخيراً ستتخلص مـــني ومـــن وجودي المزعج بالالنسبة إليها.

ومـــا كان لأبي ان يعترض علــى قراري حتى لو لم يكن راضٍ عنه ، فهـــو لايريد ان يشعرني بعجزي ولايريد ان يقف باليةي كعقبة 

فمـــا كان الية إلا ان يودعني وان اذهب وابتعد لعلــى فــي هذا البعــد أجد نفسي.

غربتي

بعــد سفر ساعتين وصلت أخيراً لوجهتي واستقبلني نجيب فور نزولي مـــن القطار بوجهٍ مبتسم مشرق وباقة زهـــور جميلة وهـــو يحمد الالية علــى سلامتي وأنها احمد الالية لانه وهبني هكذا صديق.

ركبنا بسيارة نجيب وأخذني إلــى مـــنزالية كمـــا اتفقنا سابقاً بأنه يريد ان يقضي معي يومين ويستضيفني فــي مـــنزالية ثـــم يأخذني إلــى البيت الشبابي الــذي استأجر لي به سرير بغرفة تحوي ثلاث أشخاص كـــل شخص الية سرير و رف خزانة خاص به ، وبعــد هذه الالمدة سأستلم العمل عند صديق والده بالبقفيه .

وفور وصولي لبيت نجيب وإذ بأهالية يقومون باستقبالي وترتكز والدته بتحضير الطعام الشهي وتتعإلــى أصوات العائلة بالضحكات وتبادل الأحاديث معاً علــى طاولة الطعام ليعم المكان شعور بالأمـــان والطمأنهينة والراحة  ويجتاح قلبي هذا الشعور  فــيسعده ويؤلمه بأنهٍ معاً.

كم تمـــنيت ان أعيش كتلك المشاعر مع أهلي

كم تمـــنيت ان أشعر بالراحة والدفء ببيتي

كم تمـــنيت ان تكون أمي علــى قيد الحياة لتملئ روحها المكان وتضفــي علــىه الراحة والأمـــان.

أه…كم امـــنياتي بسيطة وألامي عميقة فأنها أفقد أقل حق مـــن حقوق البشر وهـــو الشعور بالطمأنهينة والاستقرار بين افراد أسرتي وفــي مـــنزلي.

عائلة نجيب بدون قصد كانت قد فتـــحت جروحاتي وكأنها وضعت يدها علــى الجرح.

شعرت بحسرة مـــابعــدها حسرة وأنها أرى ام نجيب اليةة تهتم بأولادها وتساندهم وتشعرهم بالأمـــان.

تذكرتك يا أمي وتذكرت ابتسامتك الساحرة وهدوءك الفاتن وحضنك الدافئ الــذي لم ألبث فــيــه حتى أغفو بين يديكي لاستيقظ صباحاً وأجدك نائمة بجانبي فأزعجك كي تستيقظي ونبدأ يومـــنا معاً وأبقى معك طيلة النهار  إلا ان اغفو بين يديكي ليلاً مثل كـــل يوم .

نعم كنت مزعجاً ولكن لم تكوني تنزعجين مـــني بل علــى العكس  فدائمـــاً تشعريني بسالعودةتك بقربي وطمعي بحنانك ، عساكِ يا أمي تشعرين بدنو أجلك وتغتنمين كـــل لحظة كي تعوضيني بهـــا عن ظلم الالأيام التــي سأعيشها ببدونك.

تعوضيني بهـــا عن كـــل اللحظات التــي شعرت بهـــا بأنهي مزعج وكريه فقط لاستيقاظي باكراً بدون ان أقصد ازعاج أي أحد 

ليس كمثلك أحد يا أمي …

ليس كمثلك أحد…

 

يتبع

زر الذهاب إلى الأعلى