Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the breadcrumb-navxt domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/kpopnaco/TwiceMaroc/wp-includes/functions.php on line 6114
رواية الواحة الملعونة الفصل العاشر آية عبد الفتاح - توايس صور حصرية
قصص وروايات

رواية الواحة الملعونة الفصل العاشر آية عبد الفتاح

الفصل العاشر
ركضت الالأيام و الساعات تمر بسرعة البرق  ، تجذب معها ليالي القمر ، و همـــا يرتعشان خوفا مـــن تكرار مـــا حدث تلك الليلة ،   ….
مصباح  يتدلى مـــن سقف مزركش ، يتأرجح يمين و يسار للامـــام و الخلف ، تلتف معه عيناها ، و يتراقص ضوءه الشارومـــانسية حب  بأرجاء المكان كمـــا تتراقص دقات خافقها  ،غصة تحكمت بحلقها فلا تستطع الصراخ ، نداء تردد باسمها ،التفتت إليه يبتسم اليةا بقامته الطويلة يفرد ذراعيه ، تدنو مـــنه خطوات فــيبتعد ، تطلب مـــنه انتظار ، يتراجع ولسانه يناديها ، و فجأة اقتحم ذئب ضخم يسيل لعابه الطويل  يصل إلــى
الأرض يلعق شفتيه يثب اليةها ، تركض لأخيها مذعورة تناديه ، لكنه يشرومـــانسية حب لونه ،  يستمر فــي
الانسحاب عنها ،
اقترب الذئب مـــنها فقفزت تحتضن أخيها لكن لونه شفاف و جسده لا يمس كالاشباح يتلاشى بابتسامته الدافئة و يتطاير  بااليةـــواء ،
صوت اصطدام الباب أجفاليةا ، شاهدته
يطل بعينين تبرقان تحملق بهـــا ، ناده قلبهـــا قبل لسانها   : ” بابا انقذني “
و هـــو جامد كتمثال لا يحرك ساكنا ، فقط يراقب ، قبضت يده ترجوه لكنه ابتسم بشر ينفض يدها ، يدفعها الية الذئب الــذي وثب علــىها يعوي بانتصار يختلط صوته  بصرخاتها و توسلاتها
……
انتفضت تصرخ تطوف عينيها بالمكان ، إنها مـــازالت بشقة العم حسين ، لقد  العودةوا إلــى الشقة بعــد أنه اصلحوا مـــا تضرر بهـــا ….
نهضت تستغفر ربهـــا مـــن الكابوس ترتشف قليلا مـــن المـــاء ، ….
اليةة تحلم به …أبعــد كـــل هذه السنوات  مـــا زالت تتذكره ؟ تتذكر ملامحه ، تتذكر كـــلمة أبي ، هل مذاقها حلو دافئ ، أم روتيني بارد …؟
مـــا معنى هذه الكـــلمة ؟ لا استعلم كـــل مـــا تتعلمه أنه معناها ينطوي علــى قيمة عديدة ، هـــو بالتأكيد جاهل بهـــا …
‏غضبت مـــن نفسها تلومها علــى توساليةا الية فــي حلم ، تعاتبهـــا بداخاليةا و تسأل : ” أمـــازلتي تترجيه كطفلة ؟ أتشتقين إليه ؟ ألا تتذكري مـــا فعالية بكم …؟ “
‏ابتسمت بسخرية …
‏ تتذكر حقيبته الممتلئة بملابسه تهتز بين
والديها ، يتصاعد حوارهمـــا متحورا إلي شجار ، اختلطت  به الأيدي ، لتفوز يديه بانتصار دافعا أمها علــى الأرض ، يطلق علــىها رصاصة الطلاق ، فتهـــوى أمها و مـــنطفئة الروح و القلب ،  تخلى عنهم ،ياليةث وراء معلمتها الملونة
‏لم تنسى هذه الحرباء بشعرها الأصفر الطويل و عينيها الخضراء ، و بشرتها البيضاء تشرئب بحمرة تخطف الأنهظار تشبه أشارة المرور تمـــامـــا ،
‏و مـــنذ ذلك حيث اليوم أمها تذبل كزهرة مُنعت عنها المـــاء ….أمـــا هي  دُفع عمرها  سنين للامـــام ، رغم صغر سنها حملت علــى كاهاليةا مسئولية عمل و دراسة ، لم تعش حياتها مثل فتيات جياليةا ، لم ترتدي أشهر الثياب ، لم ترتد النوادي و المطاعم لم تتنزه مثاليةم ….
‏فقط عمل و دراسة ، أصبحت أم صغيرة
لأخوتها  …..
‏تنفست بعمق تردد قرارها ، هي لن ترتكز علــى أي ذكر  ، ستكون سندا لنفسها ، لن تنتظر يد مساعدة إذا تعثرت ، ستنهض وحدها ، لا تنكر أنه أبيها كان رومـــانسية حبيبهـــا الاول ،
فــي صغرها رسمته بعقاليةا الباطن ،  رشت علــىه ألوانا زاهيه زادته هيبة ، أضفت لعينيه البنيتين لون حاني كعينيها ، و ابتسامته استقت مـــن بحور رحمة و رومـــانسية حب ، يهديها و  يرويه بهـــا،
أمـــا حيث اليوم بعــد أنه ظهرت الشمتاء الملونة تخطفه مـــن بينهم  ، لوث ألوانه بأسود قاتم كريه ، تكسر برواز صورته ليسقط متشققا لشذايا متناثرة لروحها ،
كانت تنتظر رنة مفاتيحه ، تكة مسلاج الباب ، دخوالية للبيت ، ظلت تحدثنى عودته لكنه خيب أماليةا تكسرت ذاتها إلــى شذايا متناحرة تجرح بعضها تتشاجر بين مؤيد و معارض الية ؛ إلــى أنه صمت المؤيبدون و اجتمع علينا علــى أنهكار رومـــانسية حبه الــذي تجمد تحت ركام ثليج
انتظار
إلــى حيث اليوم تحاول مداوتها ، إلــى حيث اليوم تحاول لحم شذاياها …..
تنهدت بعمق  سامحة بعقاليةا أنه يطوف بعيدا إلــى ذكرى قريبة تشتتها عن حزنها
……..
دلف غرفتهمـــا بمعطفه الأبيض و سمـــاعته …
لتتسع أعينهم بمفاجئة سيف ابن عم حسين هـــو نفسه طبيب الــذي عالجهمـــا بالواحة ..
كتم ابتسامته مـــن دهشتهمـــا ،
اقتربت الممرضة  مـــن يد فرح تعقم الجرح تحت نظراته ، تسألت : ” هـــو إحنا كده ممكن نتحول لذئاب زيكوا ، بعــد مـــا عضني الذئب ده ؟”
أطلق ضحكة عفيه يقول : “الأفلام الاجنبية بوظت سمعتنا خالص .. لا طبعا “
أشارت صديقتها علــى يدها تقول:” طب الجرح ده مش…”
قاطعها يؤكد  : “لا مش هتتحولوا و لا حاجة …”
زاد فضول  نور ، فقالت تحاول اشباعه  : “طب هـــو أنهتوا بتاكـــلوا أيه ؟…ادام حرم علــىكوا أكـــلنا “
التفت إليها يخبرها ببساطة  : “بناكـــل زي مـــا بتاكـــلوا العودةي … حتى لو اتحولنا بناكـــل مـــا احالية الالية لنا العودةي “
امطرته  باستفسارات حشرت بحلقها ، تكاد تخنقها إن لم تفصح بهـــا  : “طب انت خرجت مـــن الواحة ؟  و ليه التليفونات مفــيــهاش شبكة ؟ و….”
أوقفها بيده يجيبهـــا : “كـــل دي اسئلة …. واحدة واحدة …. وانا هجوبك علــى كـــل حاجة يا نور …. أولا أنها اه خرجت مـــن الواحة و لفــيت القاهرة و أسوان و الأقصر شبر شبر …. و طبعا التليفونات الأرضي و المحمول مفــيــهاش شبكة لأنتجد هنا بعزلة عن العالم .. و طبعا مفــيش أنهترنت”
تولت الأخيرة دفة التحقيقات عنها : ” أنها شوفت عربية عم حسين قديمة أوي شبه عربيات رشدي أباظة ؟ هـــو ده يعني أنه أحنا كده رجعنا بالزمـــن لورا و لا ايه ؟”
ابتسم يقول اليةا : ” أحنا مرجعناش بالزمـــن لورا و لا حاجة ، بالعكس  الواحة بس مش موجودة علــى الخريطة و محدش يعرف عنها حاجة مـــنعزلة عن العالم بس الفجوة بتوصاليةا بيه… أمـــا عربية الحاج … فالحاج بيرومـــانسية حب العربيات دي مش أكتر … إنمـــا فــي عربيات تانية بس مـــن غير أنهترنت و لا جي بي أس ، عشان أحنا بعزلة عن العالم كـــالية ….”
كادت الأخرى أنه تتحدث لولا أنه دق الباب طرقات خافتة قاطعتها ، تدلف مـــنه فتاة ترتدي حجاب كريمي ، فستان كثياب القاهرة ، تنكس رأسها بحياء لم يمكنهمـــا مـــن استعلم علــى ملامحها ….. ابتسم يقترب مـــنها
، يضع ذراعه علــى كتفــيــها يقربهـــا مـــنهمـــا تحت نظراتهمـــا المتعجبة ،  أشعل ذلك الفضول بصدر نور.. مـــاذا يقربهـــا هـــو ليمسها بهذا الشكـــل الحميمي ….؟
‏ توقف  يعرفهمـــا علــىها  ، إنها ابنة خالته و أتت لتتأسف اليةمـــا ،
ازداد اندهاشهمـــا ممـــا تتأسف ؟
رفعت الفتاة رأسها اليةمـــا ، لتكشف عن وجه أبيض تناثرت علــى  فراشات نمش مـــنمـــنمة علــى وجنتيها و أنهفها ، زادته جمـــالا و حاجبين برتقاليان اقتربا مـــن الحمرة  ، تبدو صغيرة لا يتجاوز عمرها التاسعة عشر تقريبا ….
‏اخذت توضح  اليةمـــا و أمـــارات الخجل استولت علــى وجهها ،
أنها هي الذئب الأحمر ، هي مـــن اقتحمت علــىهم الشقة و دمرتها ركضت خلفهم ،
غضن جبينهمـــا بغضب
فأقسمت أكثر مـــن مرة أنها لم تكن بوعيها ، لمـــا علمت مـــا فعلت أرادت الاعتذار مـــنهمـــا ….. ‏
‏ليقبلا اسفهمـــا و يتبادلن الأحاديث ،
……
ابتسمت تتذكر ملامح نور التــي كاد الفضول يقتاليةا
كالالعودةة لاستخراج سبب تقرب سيف مـــن الفتاة ، التــي علمتا مـــن حوارهن بالمشفــي أنها ولدت مع أياد بالعام نفسه و إنها تكبره بشهرين ، و أنه  والدتاهمـــا كانا يحصلنيان تزويجها بسيف  لكن والدتها مرضت ببداية ولادتها ، فقامت  أمه بإرضاعها و هكذا صار اليةا أخوان
يدللانها بعــد أنه كانت وحيدة والديها ، العودةت إلــى واقعها   مـــاذا ستفعل حيث اليوم ؟ ،…لا توجد مهام تسعى لانجازها كالسابق
نامت تسرومـــانسية حب الغطاء علــىها ، تعود إلــى جزيرة أحلامها تجد هناك جدير بالذكر تحلم بمـــا تشــاء ، تدعو الالية أنه يبعــد عنها الكوابيس   ، استغرقت ثانيتان ليغزل النعاس مغزل جفنيها يخيطه  و يأخذها فــي سنة مـــن النوم
لكن هيهات دفعت نور باب غرفتها بقوة أجفلتها ، استغفرت تضغط عينيها تمثل النوم
لم تتركها هزتها تقول اليةا :”قومي بقى كفاية نوم  ، الست دي عايزانا نساعدها جي ضيوف ، أم احمد مجتش تساعدها ….”
همست بصوتها الناعس تغطي وجهها : ” أنها مش هنزل للست دي مش بطقينا …”
أزاحت نور الغطاء عنها  : ” لا مهى عنود تحت ، البنت دي لطيفة خالص قومي نتسلى بدل قاعدتنا اللي ماليةاش لزمة دي ….”
عاندتها فرح تضع الوسادة علــى رأسها تتهرب مـــنها ….: ” لا روحي أنهت ، أنها مش هنزل “
أزالت عنها الوسادة تجذب يدها تلح علــىها : ” يلا قومي عشان خطري ننزل سوى ، بدل نومك ليل نهار ده ….”
فقامت الأخرى تتأفف مـــنها ترتدي ثيابهـــا ليصعدا لتلك المرأة العابسة …
*********
حجر يتدحرج باندفاع يصطدم بأخيه ليتشقق و يتفتت إلــى أحجار صغيرة تنتشر متباعدة فــي
الأرجاء ، ليدفع حجر أخر بيأس مستسلم لأفكاره السوداء التــي أدارت عقالية
صوت اصطكاك معلقة أخرجه مـــن دائرة أفكاره ….
“اتفضل الشاي “
يتبع جملته واضعا كوب الشاي بجوار إخوته ،  و يذهب متعجبا مـــنه هذا رابع كوب يضعه أمـــامه ….
حاصرته افكاره مـــن حديث لينتشالية هذه المرة صوت نداء صديقه سمير ” يا صارومـــانسية حبي …انت رحت فــين ؟ “
التفت إليه يلتزم بصمته ، يستدير يعيد نظراته إلــى نقطة فراغ وهمية ….يستعيد مشدته الكـــلمــاتيه مع رئيسه بالورشة ، أنه لم يعطي الية الفرصة أخرى يتشرب مـــنه الصنعة  …و فــي النهاية أعطاه مستحقاته و طرده مـــن الورشة …..
بعــد عشرة الأيام مـــن العمل و شقاء و تعب …
العودة صوت صديقه يتردد  : “يا عم نحن تجد هنا … أنهزل معانا علــى الارض”
التفت إليه متغضن الجبين مـــنحني الأكتاف ، بانت علــىه أمـــارت بؤس …
فسأالية سمير : “مـــالك فــي ايه ؟ “
أطلق زفرة بائسة مثالية يقول : ” الراجل طردني مـــن الشغل ….”
-“مـــا هـــو عنده حق ، جه اشتكـــلي مـــنك النهاردة ، بقى تبوظ عربية الراجل و عايزه مش يطردك ….تاني عربية تبوظها يا حامد هتبوظ سمعة محالية يا راجل “
نكس رأسه يحمل همومه فوقها فقرر أنه يبوح بهـــا ، لعالية يتخلص مـــنها :” أعمل ايه دلظلي يا سمير رجعت لنقطة بالصفر و مش لاقي شغل ، و كمـــان أمي قاعدت مـــن الشغل ، دبرني يا صارومـــانسية حبي ….”
ذهبت عيناه إلــى أكواب الشاي المتراصة علــى طاولته : ” كـــل ده شاي كأنهك غني ، و أنهت قربت تروح الحسين تشحت ….”
اجابه : ” مـــا أنها مرضتش أقول لأمي أنهي اطردت ؛ فتنزل تاني تشتغل .. كـــل يوم قعد علــى القهـــوة زي مـــا أنهت شايف أشرب لحد مـــا املي بطني و أطلعاليةا .. و كأنهي فــي الورشة.. لحد مـــا الفلوس اللي معايا قربت تخلص  “
لفّهمـــا صمت لا يقطعه سوى صوت وضع الأكواب ، وصوت الزبائن
حتى قطعه سمير يقول بحمـــاس شاب نبرته : “خلاص مش أنهت بتقول ليك حق عند عمك ، روح خده بدل الشغل و التفت لدرستك “
ابتسامة جانبية ارتسمت علــى شفتيه  : “عمي…عمي واكـــل علــىنا حقنا و بيقول أنه أبويا باع الية نصيبه فــي المطعم و مفــيش أي اثبات ناخد بيه حقنا …”
رنا الأخر للصمت بتره يقترح علــىه :” خلاص روح اشتغل معاه “
” بقولك عمي واكـــل حقنا و فــي خنقات كتيرة بينا و
غيرات اروح اشتغل معاه ازاي  و يبقي وشي فــي وشه ؟ “
– ” روح و جرب يمكن يشغلك ….”
– ” و لو مشغلنيش “
–  ” يبقي ساعتها مخسرتش حاجة “

صمت حامد  قليلا ، فاستأنهف سمير  يشهر إصبعه بتحذير :  ” بس تروح تتكـــلم معاه بهدوء و براحة
مش دبش معاه خناقة “
– : ” يعني أيه ؟ “
– ” يعني سايسوه (هاوده ) خده علــى االيةادي …..
لحد مـــا يشغلك ، متكـــلموش فــي حوار الورث و الكـــلمــات ده
…”
لزم الصمت يفكر فــي كـــلمــاته ، فوكز الاخر : “ياعم ساكت ليه ؟”
– ” لسه مش مقتنع بللي بتقوالية ….”
– ‏” ياعم جرب و مش هتخسر حاجة “
– ” طيب هروحالية و ربنا يستر “
وافق علــى مضض ، أنه سيقوم أي شئ للعمل لكي لا تعود أمه للمشقة و العمل سيهنأها ، و يصير عكازا تتسند علــىه كـــل الاسرة حقا ، يعوضهم عن أب تخلى عنهم ،سيذهب إلــى عمه  ليرضي ضميره ، و يشعر أنه دق كـــل الأبواب لطلب الرزق ، و يترك الباقي لربه يسيره اليةة يشــاء ……راقب الورشة متميزا حتى اختفــي أثر الصبية و رئيسهم بالداخل …
نهض بخفة واضعا يديه بجيوب بنطاالية يدندن بنغمة يحفظها عن ظهر قلب ، يدنو مـــن سيارة مهترأة تكاد تتكـــلم تقبل أيدي صارومـــانسية حبهـــا البخيل لتركها و تغيرها بأخرى ، لكنه لا يود أنه يفرط بهـــا و يصرف أمواالية علــى أخرى ، فهذا بزخ بالالنسبة الية … لقد عكف علــىها كـــل يوم ليصلحها لكن لا فائدة ترجى مـــنها
يضع تراب علــى كتفــيــه و بنطاالية … سار خطوتين يختبئ  خلفها عينيه تتعقب الصبية حتى تيقن مـــن انشغااليةم  ، فربت علــى  فمها المفتوح ، يعبث ببمحتوياتها حتى طبعت علــىه بشحمها  ليمسحه علــى جبهته ووجهه ، يصعد إلــى امه  ، يتقن دوره
ضحك الأخير مـــن تصرفه ، بينمـــا وقف النادل بجانبه يضرب كفا بكف علــى حامد فكـــل يوم يلي و يقوم مـــا فعالية حيث اليوم .. لا يزد أو ينقص مـــنه شئ هل ضرب الجنون رأسه أم مـــاذا ..؟…
***********
ضربت البيض بالطاولة ليتشقق و يسيل مـــنه سائل لزج تفتـــحه سامحة الية بالانزلق بوعائه ، هكذا فعلت مع إخوته تسكبهم بهدوء علــى الدقيق ، تقلب الثانية محتويات الطعام كمـــا تقلب عباراتها بحوار لم يختلط بعــد ، تضيف صديقتها اللبن البارد علــى الخليط ، تتابع الأخيرة عماليةا متميزا ليتحول إلــى عجين متمـــامسك فتجذبه الثالثه تجذب معه أطراف حديث امتزج بينهم و صار متمـــاسكا….
سكبته فــي صينية ، و أخذت تربت علــىه بالمعلقة و تهدهده  تساوي أطرافه ، تشرع  نور الفرن فتتصاعد مـــنه أنهفاس دافئة تطير مـــنه و تحفهن ترسل دفئها إلــى قلوبهن الباردة مـــن ألم فراق الأرومـــانسية حباب ، و بعــد دقائق تطايرت رائحة الكعك الشهي تنتشر فــي المطبخ بأكمالية تحتضنهن ، تشهد علــى أحاديثهن الدافئة التــي نضجت مثل كعكتها  ، اخرجتها عنود مـــن الفرن ، تسرق بأطراف أصابعها فتفوتة صغيرة مـــن حافتها المقرمشة تلقيها بثغرها تنفخ أصابعها الملتهبة مـــن سخونتها ، ابتلعتها تهبط بمعدتها و تتلذذ بطعمها الشهي كمذاق  صداقتهن الوليدة  التــي انزلقت بقلوبا تؤنس وحدتها ….
راقبتهن كالصقرعاقدة الجبين ، عابسة الفم ، و بداخاليةا غضب مكتوم لا تستطيع اطلاق صراحها ،  لا تتعلم لمَ امتزج علينا مع هاتان الغريبتان ؟ لمـــاذا يتعامل علينا معاهمـــا بود كأنهمـــا مـــن اهل الواحة ؟ حتى عنود أبنة شقيقتها …تأففت بأنهزعاج …
انتزعها صوت صرير الباب يفتـــح ، دنت الفتيات تختبئن وراء الستار يرين مـــن الطارق .. ؟
شيخ يولج بخطوات متأنهية يستند علــى عصاه الخشبية ، يغطي رأسه شعر انتشر به ثلج ناصع البياض و كذالك لحيته الطويلة ، تجمعت علــىه خطوط الزمـــان ترتسم حول عينيه و رغم ذلك احتفظ بوقاره و هيبته ، سلم علــى حسين بحزم  ، و دخل ، يتبعه شاب قوي البنية لم يتبيين ملامحه فهـــو يولي اليةم ظهره ….
سألت فرح عنود التــي تقف فوقها : “مين الشيخ اللي دخل ده “
فأجابتها الأخرى مركزة عينيها علــىه تشير بأصبعها علــىه : ” ده شيخ عبد العزيز “
لم تضف و رنت لصمتها
فالتفتا إليها ينتظر ظلاً آخرانها تكمل ، اعتدلت تأرجح معها شعرها الأحمر كـــلون فراءها  ، لينسدل بنعومة و يستطيل لظهرها تستأنهف تحرك يديها  : “واحد مـــن شيوخ الواحة الكبار ….”
صمتن و ترقبوا ، دلوفهم إلــى غرفة الجلوس ليغلق العم حسين خلفهم  ،
و بعــد دقائق يقترب مـــنهم يصيح بزوجته يأمرها بأحضار الشاي …
تهمهم تفــيدة بعبارات مـــنزعجة تسكب الشاي بأكواب ، و تحمل الصينية تعطيها لفرح ، تقول بعباراتها المقتضبة بصوت لأول مرة تسمعه الأخيرة مـــنذ أنه دخلت هذا البيت :”خدي يا اختي وديها تجد هناك ..”
حملت الصينية بحذر تتحرك بتأنهي ، توزع نظراتها بين  اليةها و مـــا تحمالية   …
تقف تسند الصينية بيد ، و الأخرى تطرق بخفوت علــى الباب ، يفتـــح حسين يسد الرؤية عنها ، يأخذ مـــنها مـــا تحمالية يدلف  مغلقا  الباب خلفه ، يرتفع صوت عم حسين يجذب أذنها إلــى الباب تسمعه يصيح  :”إزاي الكتاب يتسرق مـــنك يا شيخ عبد العزيز ..دلظلي إحنا فــي خطر “
انتبهت نور لوقفتها ، فالتفتت تتأكد مـــن عدم ملاحظة أحد اليةا  ….اقتربت مـــنها تحذرها بهمس لكن الفتاة أسكتتها بأصبع تشير للباب … فصمتت  تسمع
صوت شابه خشونة و نضج :
“جيت اقولك عشان تاخد حذرك مـــن الأغراب يا حسين …و انا مسئول  ارجع الكتاب اللي اتسرق ..”
-:”طب مين اللي سرقوا “
– :”اللي سرقوا واحد مـــن الأغراب عندنا ..واحد عطفنا علــىه و دخلنا بيتنا عض الايد اللي اتمديت ليه
بالخير و عرف سرنا و سرق الكتاب ….”
-: “ده اللي فسر تغير لون القمر  للون الأحمر  الاسبوع اللي فات طب أنهتوا ازاي…. “
قاطعه طرقة عصا حازمه أجفلا اليةا ، أجابه بحزم  :” ملكش دعوة بكتاب القبيلة بتاعتنا … أنها هرجعوا .. خد حذرك مـــن الأغراب و بس …. يلا بينا “
استوقفه الأخير : “طب استني يا شيخ عبد العزيز …طب أنهت مـــا شربتش الشاي …طب
الشيخ : ” أحنا مشجيين نضايف تجد هنا يا حسين ، أحنا جايين عشان نقولك و تاخد حذرك  يلا بينا … “
ركضا   إلــى المطبخ ، تختفــيان وراء الستار يتابعان مغادرة الرجلان مـــن المـــنزل ….تبادلت الفتاتان نظرات الحيرة ، عن أي كتاب يتحدثون عنه و مـــا علاقته بمـــا حدث تلك الليلة العجيبة ؟
عبثت الأسئلة برأسيهمـــا ، لا يعرفان اليةا أجابة

زر الذهاب إلى الأعلى