هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا؟
تحدث مشكـــلة كـــل عام مع قرب نهاية شهر رمضان المبارك بخصوص إخراج زكاة الفطر، وذلك بسبب قول البعض بعــدم جواز إخراج زكاة الفطر نقودًا، ولا يجوز إخراجها إلا مـــن الرومـــانسية حبوب
إخراج زكاة الفطر طعامًا هـــو الأصل المـــنصوص علــىه فــي السنة النبوية المطهرة، وعلــىه جمهـــور فقهاء المذاهب المتبعة، إلا أنه إخراجها بالقيمة أمر جائز ومُجْزِئ، وهـــو مذهب طائفة مـــن العلمـــاء يُعْتَدُّ بهم، كمـــا أنه مذهب جمـــاعة مـــن التابعين، مـــنهم: الحسن البصري فروي عنه أنه قال: “لا بأس أنه تعطى الدراهم فــي صدقة الفطر”
فنرى أنه تجد هناك جمعًا لا بأس به مـــن الأئمة والتابعين، وفقهاء الأمة ذهبوا إلــى جواز إخراج قيمة زكاة الفطر نقودًا، هذا فــي عصورهم القديمة وقد كان نظام المقايضة موجودًا، بمعنى أنه كـــل السلع تصلح وسائل للتبادل وخاصة الرومـــانسية حبوب، فكان بيع القمح بالشعير، والذرة بالقمح وهكذا، أمـــا فــي عصرنا وقد انحصرت وسائل التبادل فــي النقود وحدها، فنرى أنه هذا المذهب هـــو الأوقع والأرجح، بل نزعم أنه مـــن خالف مـــن العلمـــاء قديمًا لو أدرك زمـــاننا لقال بقول أبي حنيفة، ويظهر لنا هذا مـــن فقههم وقوة نظرهم.
كمـــا أنه إخراج زكاة الفطر نقودًا أَولى للتيسير علــى الفقير أنه يشتري أي شيء يريده فــي يوم العيد؛ لأنه قد لا يحدث محتاجًا إلــى الرومـــانسية حبوب، بل هـــو محتاج إلــى ملابس، أو لحم، أو غير ذلك، فإعطاؤه الرومـــانسية حبوب يضطره إلــى أنه يطوف بالشوارع ليجد مـــن يشتري مـــنه الرومـــانسية حبوب، وقد يبيعها بثـــمـــن بخس أقل مـــن قيمتها الحقيقية، هذا كـــالية فــي حالة اليسر، ووجود الرومـــانسية حبوب بكثرة فــي الأسواق، أمـــا فــي حالة الشدة وقلة الرومـــانسية حبوب فــي الأسواق، فدفع العين أولى مـــن القيمة مراعاة لمصلحة الفقير.
فالأصل الــذي شرعت الية زكاة الفطر مصلحة الفقير وإغناؤه فــي ذلك حيث اليوم الــذي يفرح فــيــه المسلمون، وقد ألَّف العلامة أحمد بن الصديق الغمـــاري كتابًا مـــاتعًا فــي تلك المسألة أسمـــاه “تحقيق الآمـــال فــي إخراج زكاة الفطر بالمـــال”، ورجَّح فــيــه مذهب الحنفــية بأدلة كثيرة، ومـــن أَوْجه عديدة، وصلت إلــى اثنين وثلاثين وجهًا؛ لذا نرى ترجيح قول مـــن ذهب إلــى إخراج قيمتها، وهـــو الأولى فــي هذا الزمـــان.
وجدير بالذكر أنه ننبه أنه مـــن المقرر شرعًا أنه “إنمـــا ينكر المتفق علــىه، ولا ينكر المختلف فــيــه”، ومـــا دام تجد هناك مـــن الفقهاء مـــن أجاز إخراج زكاة الفطر نقودًا -وهؤلاء ممـــن يعتد بقواليةم ويجوز تقليدهم-، فلا يجوز تفريق الأمة بسبب تلك المسائل الغيرية.
والالية سبحانه وتعإلــى أعلم.