ادعية اسلامية

العفـو والتسامـح فــي حيـاةِ النّبيﷺ

العفـو والتسامـح فــي حيـاةِ النّبيﷺ
أمّا بعــد :
فمع خلقٍ حديث مـــن أخلاقه صلى الالية علــىه وسلم ضمـــن سلسلةِ أخلاقه وشمـــائالية، وقِيَمِهِ وسمـــاته، وصفاته وخِلاالية، علــىه الصلاة والسلام نقف حيث اليوم.
 
وخُلُقُ حيث اليوم، وخُلَّةُ حيث اليوم، وصفةُ حيث اليوم مـــن أجملِ بالصفات، وأشهر السمـــات، ورائدةُ الأخلاق، وسيدةُ الآداب؛ إنّها خلةٌ حميدة، وعبارةٌ مُرومـــانسية حبَّبة، وقيمةٌ أخلاقيةٌ عظمى؛ إنّه خُلُقُ :
           ( العفـو وبالصفـح والتسامـح )
ويُقصَد به: بالصفح عمّن أخطأ أو تجاوز حَدَّهِ؛ كمـــا تعني: العفو عند المقدرة، والتجاوز عن أخطاءِ الآخرين، ووضع الأعذار اليةم، والنظر إلــى مزاياهم وحسناتهم بدلًا مـــن التركيز علــى عيوبهم وأخطائهم؛ يقول الالية عزوجل آمرًا نبيَّه صلى الالية علــىه وسلم بالعفو عن النّاس وبالصفحِ والتسامح: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال الية سبحانه: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقال الية تعإلــى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13].
 
ولقد ضرب النبيُّ صلى الالية علــىه وسلم أروعَ المثل، وقدَّم أعظمَ الصور فــي العفو والسمـــاحة والتسامح؛ فأقواالية وأفعاالية صلى الالية علــىه وسلم جاءت متطابقة تمـــام التطابق، فلا تناقضَ بين مـــا يدعو إليه وبين مـــا يُطبِّقه.
 
وصور تطبيقه اليةذا الخُلُقِ الكريم شملت كـــلَّ مَن تعامل معهم، فوجدناها مع أصحابه وأعدائه، وفــي السلمِ والحرب، ومع أهل بيته وجيرانه، وكذا فــي البيعِ والشراء والقضاء، والأخذ والعطاء.
 
نعم يا كرام، أرسى نبينا الكريم صلى الالية علــىه وسلم مبادئ السمـــاحة والتسامح بين النّاس مـــن غير ذلٍّ، ولا إخــلالٍ بعزةِ الإسلام وكرامةِ الإنسان، وضرب المثل الأعلــى فــي العفوِ عمّن ظلمه، وإعطاء مـــن حَرَمَهُ، وصلة مَن قطعه، كـــل ذلك تسامحًا مـــنه، وتواضعًا لربه، ورحمةً بالناس، وإحسانًا إليهم.
 
ومَن يطالع السيرة النبوية، ويقلب صفحاتها يجد أنهّها مليئة بتسامحِ النبي صلى الالية علــىه وسلم وعفوه فــي مواقف شتى، وصورُ عفوِهِ وتسامحه صلى الالية علــىه وسلم أكثر مـــن أنه تُحصى، وأبلغ مـــن أنه تُعَدُّ، ولكني سأذكر لكم مـــنها علــى سبيل المثال لا الحصر مـــا يلي:
 
* عفوه صلى الالية علــىه وسلم وسمـــاحته عن أبي سفــيان الــذي فعل مـــا فعل، ونافح كثيرًا محاربًا لالية ولرسوالية فــي ميادين شتى:
• فأدمى كبد رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم فــي أُحُد.
• وحَزّبَ الأحزاب يوم الخندق ضد رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم.
• وناصر القبائل ضده علــىه الصلاة والسلام.

وعلــى الرغم مـــن كـــل ذلك، يعفو عنه النبي صلى الالية علــىه وسلم يوم فتـــح مكة، بل ويمـــنُّ علــىه بمـــا يفخر به، ومـــا كان يطمع فــي أكثر مـــن أنه يَهَبَ الية حياته، ولا يضرب عنقه، جزاءَ مـــا آذى به المسلمين.
 
بل، وإنّ أبلغ مـــا فعالية الرسول صلى الالية علــىه وسلم معه بعــد أنه مـــنحه العفو، أنه أعطاه وسامًا عظيمًا، ونيشانًا يفخر به بين الملأ مـــن النّاس؛ جدير بالذكر أعلن علــى الملأ، وقال: ((ومـــن دخل دار أبي سفــيان، فهـــو آمـــن)).
 
• ويتجلى العفو عند المقدرة فــي أروع صوره علــىه الصلاة والسلام يوم فتـــح مكة، حينمـــا دخاليةا رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم مـــنتصرًا، وجلس فــي المسجد والنّاس حوالية، والعيون شاخصة إليه ينتظر ظلاً آخرون مـــا هـــو فاعل حيث اليوم بمشركِي قريش الــذين آذوه، وآذوا أصحابه وعذبوهم، وأخرجوه مـــن بلده وقاتلوه، ومـــنعوه مـــن إبلاغ دين الالية بينهم، وحالوا بدون إيصال الدعوة إلــى غيرهم، فكفروا هم وصدوا غيرهم عن سبيلِ الالية.
 
وها هم حيث اليوم قادةُ قريش وساستُها بين يديه وأمـــامه لا يملكون حولًا ولا قوة، ومصيرهم بأمرٍ يأمره، لا ملجأ اليةم ولا مـــنجى، فمـــاذا فعل بهم نبيُّ العفو وبالصفح ورسول التسامح صلى الالية علــىه وسلم، هل رد علــىهم بالعنف والغلظة لمَّا قدر علــىهم؟ 
هل أخذ بيوتهم؟ أو انتهك أعراضهم؟ 
هل سلب أموااليةم؟ أو سفك دمـــاءهم؟ 
هل ذبّح نساءهم ويتَّمَ أطفااليةم؟ 
كـــلا والالية، وإنّمـــا يظهر اليةم مكارم أخلاقه وعفوه، فــيقول اليةم: مـــا تظنون أنهّي فاعل بكم؟ 
فقالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال اليةم الرحيم الطيب الــذي لم يكن انتقاميًّا: ((اذهبوا فأنهتم الطلقاء)).
 
* وكذلك عفوه صلى الالية علــىه وسلم عن لُبيد بن الأعصم اليهـــودي الــذي سحر النبي صلى الالية علــىه وسلم فعفا عنه ولم يعاقبه.
 
* كذلك عفوه صلى الالية علــىه وسلم عن اليهـــودية التــي أهْدَتْهُ الشاة المسمومة؛ فقد روى مسلم فــي سليمه عن أنهس رضي الالية عنه: ((أنهّ امرأةً يهـــوديةً أتت رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم بشاةٍ مسمومة، فأكـــل مـــنها، فجِيء بهـــا إلــى رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم، فسأاليةا عن ذلك، فقالت: أردتُ لأقتلك، فقال: مـــا كان الالية ليسلِّطَكِ علــىَّ، فقال الصحابة: أَلَا نقتاليةا يا رسول الالية؟ فقال اليةم: لا، قال: فمـــا زلتُ أعرفها فــي لَهَوَاتِ رسولِ الالية صلى الالية علــىه وسلم)).
 
* بل وبلغ مـــن حِلْمِهِ وعفوه صلى الالية علــىه وسلم أنهّه يزيد فــي العطاءِ لمـــن أغلظ الية فــي قوالية؛ وفاءً الية وحسن قضاء؛ فروى البخاري عن أنهس بن مـــالك قال: ((كنتُ أمشي مع رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم، وعلــىه بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه اعرابي، فَجَبَذَ بردائه جَبْذةً شديدةً، قال أنهس: فنظرت إلــى صفحة عاتق النبي صلى الالية علــىه وسلم، وقد أثَّرت بهـــا حاشية الرداء مـــن شدةِ جبذته، ثـــم قال: يا محمدُ، مُرْ لي مـــن مـــالِ الالية الــذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثـــمّ أمر الية بعطاء)).
 
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الالية عنه: 
((أنهّ رجلًا أتى النبي صلى الالية علــىه وسلم يتقاضاه، فأغلظ، فهمَّ به الصحابة، فقال رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم: دعوه؛ فإن لصارومـــانسية حبِ الحق مقالًا، اشتروا الية بعيرًا، فأعطوه إياه؛ فإنّ مـــن اختياركم أحسنكم قضاءً)).
 
* ولا يقف خلق رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم عند حدِّ العفو وبالصفح، بل كان يدعو بااليةدايةِ لمـــن آذاه؛ فلقد لقيَ علــىه الصلاة والسلام مـــا لاقاه مـــن قومه مـــن سوءِ المعاملة والتحريض علــىه، وادَّعوا زورًا وبهتانًا بأنهّه شاعر، وأنهَه كاهن، وأنهّه ساحر، وبغير ذلك مـــن التهمِ الباطلة التــي هـــو مـــنها صلى الالية علــىه وسلم بَراء، بل وصل الأمر إلــى التعدي علــىه وضربه، حتى شُجَّ وجهه، وكُسرت رباعيته، وسالت دمـــاءه علــى وجهه، ومع هذا، لم ينتقم لنفسه، بل قابل إساءتهم بالصبرِ والشفقة، والإحسان والمودة والرأفة؛ قال الية الصحابة رضوان الالية علــىهم: ((ادعُ علــىهم يا رسول الالية، فقال االيةادي البشير، ربانُ العفو، وقائدُ بالصفح، ورائدُ التسامح: إنّ الالية تعإلــى لم يبعثني طعَّانًا ولا لعَّانًا، ولكن بعثني داعيةً ورحمةً، الاليةم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون))..
وانظروا اليةة جمع علــىه الصلاة والسلام فــي هذه العبارات أربعة مقامـــات مـــن الإحسان، قابل بهـــا إساءتهم العظيمة إليه؛ أواليةا: عفوه عنهم، وثانيها: استغفاره اليةم، وثالثها: اعتذاره عنهم بأنهّهم لا يعلمون، ورابعها: استعطافه اليةم بإضافتهم إليه فقال: ((اهدِ قومي)).
 
وعندمـــا عصت قبيلة دَوسٍ فــي بداية أمرها أمرَ رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم، قدم الطفــيل بن عمرو الدوسي وأصحابه علــى النبي صلى الالية علــىه وسلم فقالوا: ((يا رسول الالية، إنّ دوساً عصت وأبت، فادعُ الالية علــىها، فقيل: هلكت دوس، فقال ملك العفو والتسامح علــىه الصلاة والسلام: الاليةم اهْدِ دوسًا وائتِ بهم)).
 
وعندمـــا خرج علــىه الصلاة والسلام للطائفِ لدعوةِ أهاليةا إلــى الالية، قابلوه بالطرد والرجم بالحجارة، فــيخرج مهمومًا حزينًا، ليس لأنهّهم طردوه، ولكن لأنهّهم لم يقبلوا دعوته، وبعــد لحظات يليه جبريل ويقول: ((يا محمد، إنّ الالية سمع قول قومك ومـــا ردُّوا علــىك، وقد بعث الالية ملك الجبال لتأمره بمـــا شئت فــيــهم … فقال ملك الجبال: إنّ شئتَ أنه أُطبق علــىهم الأخشبين)).!
فمـــاذا كان جوابه ورده علــىه الصلاة والسلام؟ 
قال: ((بل أرجو أنه يُخرِج الالية مـــن أصلابهم مـــن يعبد الالية، لا يشرك به شيئًا)).
 
هذا هـــو قدوتنا، وهذا هـــو أُسْوَتُنا، صلى الالية علــىه وسلم، صارومـــانسية حبُ العفو الكبير، وبالصفح العظيم.
 
وأمّا مـــن تربَّى علــى يده مـــن صحابته الكرام، فقد كان هذا هـــو ديدنُهم ومـــنهجهم؛ فعندمـــا خاض مِسْطح بن أثاثةَ فــي عِرض الطاهرة عائشة رضي الالية عنها وأرضاها، وكان أبوها أبو بكرٍ الصديق ينفق علــى مسطح؛ لأنه ابن خالته، وكان يُحسن علــى القريبِ وعلــى البعيد، فأقسم ألَّا ينفقَ علــىه بعــد خَوضِهِ بعِرض ابنته؛ فأنهزل الالية سبحانه فــي حقه آيات:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].
 
فأقسم أبو بكر ألَّا يقطع النفقة علــىه، بعــد أنه أقسم ألَّا يُنفق علــىه استجابةً لأمر الالية ولأمر رسوالية صلى الالية علــىه وسلم.
 
وعندمـــا دخل رجلٌ علــى عمر بن الخطاب رضي الالية عنه، وأساء معه الأدب والكـــلمــات، وقال: “إنّك لا تعطينا الجَزْل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ به، فقال ابن قيس: يقول الالية: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وانّ هذا مـــن الجاهلين، فمـــا تجاوزها عمر “.
قال الحريري:
فسامح أخاك إذا خلط 
مـــنه الإصابة بالغلط 
وتجافَ عن تعنيفه 
إن زاغ يومًا أو قسط 
واعلم بأنهك إن طلبت 
مهذبًا رُمْتَ الشطط 
ولو انتقدت بني الزمـــان 
وجدتَ أكثرهم سقط 
مَن ذا الــذي مـــا ساء قط 
ومـــن الية الحسنى فقط 
وقال آخر:
تريد مبرًّا لا عيبَ فــيــه *** وهل نارٌ تفوح بلا دخانِ
 
أقول مـــا سمعتم، واستغفروا الالية لي ولكم مـــن كـــل ذنب وخطيئة، إنّه هـــو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
أمّا بعــد:
فنحن نقف حيث اليوم مع خُلُقٍ حديث مـــن أخلاقه علــىه الصلاة والسلام ضمـــن سلسلةِ أخلاقه وخِلاالية، وسمـــاته وشمـــائالية، علــىه الصلاة والسلام؛ 
إنّه خُلُقُ العفو والتسامح.
شعارُ الصالحين الأتقياء ذوي الحلم والأنهة والنفس الرضية، مـــن الخصالِ الحميدة، والأخلاق الكريمة، التــي ينبغي علــى كـــل مسلم أنه يتحلى بهـــا.
 
والعفو والتسامح والتجاوز عن الآخرين ليس بالأمرِ االيةين؛ إذ الية فــي النفس ثِقَلٌ لا يحصل التغلب علــىه إلاّ بمصارعةِ رومـــانسية حب الانتصار والانتقام للنفس، ولا يحدث ذلك إلاّ للأقوياء.
 
والعفو والتسامح لا يعني الضعف والإنكسار، ولا يعني المذلة والخَوَر، ولا يعني الجبن والانهزام، 
بل إنّه قمة الشجاعة والرجولة وغلبة االيةـــوى، وقمة والامتنان والعزة ..
قال علــىه الصلاة والسلام كمـــا روى ذلك مسلم:
((مـــا نقصت صدقة مـــن مـــال، ومـــا زاد الالية عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، ومـــا تواضع أحد لالية إلا رفعه الالية)).
 
فالعفو وبالصفح رفعة وعزة، بل وثبت طبيًا أنه العفو وبالصفح وتجاوز المواقف المؤلمة يَقِي الإنسان بإذن الالية مـــن العديدِ مـــن الأمراضِ الخطيرة؛ كأمراضِ القلب، وارتفاع ضغط الدم، والقلق والتوتر النفسي، والشيخوخة المبكرة، ويقوِّي جهاز المـــناعة لدى الإنسان، وهـــو علاج قوي لكثيرٍ مـــن الأمراض بإذن الالية تعإلــى.
 
وإنّ العفو عن الآخرين وبالصفح عنهم الية فضل عظيم وأجر كبير، ولأجل ذلك أثنى الالية تعإلــى علــى عباده المؤمـــنين، ووصفهم بكظمِ الغيظ، والعفو عن النّاس، ووعدهم جنةً عرضها السمـــاوات والأرض؛ قال سبحانه وتعإلــى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾آل عمران: 134
وروى الإمـــام أحمد عن سهل بن معاذ عن أبيه رضي الالية عنهمـــا، أنهّ رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم قال: ((مـــن كظم غيظًا وهـــو قادرٌ علــى أنه يُنْفِذَهُ، دعاه الالية تبارك وتعإلــى علــى رؤوسِ الخلائق حتى يُخيِّرَه مـــن أي الحور شــاء)).
 
ورُويَ عن أبي بكر رضي الالية عنه أنهّه قال: “بلغنا أنهّ الالية تعإلــى يأمر مـــناديًا يوم القيامة فــينادي: مـــن كان الية عند الالية شيء فَلْيَقُمْ، فــيقوم أهل العفو، فــيكافئهم الالية بمـــا كان مـــن عفوهم عن النّاس”.
 
وفــي الختام يا كرام، وأمتنا إذ تعيش هذه الأزمة القاسية التــي مزقتها، وشتَّتَتْ شماليةا، وفرَّقت جمعها، وأضاعت قوتها وشبابهـــا ورجااليةا، وأورثت الحقد والتحاسد والتباغض وقسوة القلب، فجديرٌ بنا أنه نرجع إلــى خُلُقِهِ علــىه الصلاة والسلام فــي العفو وبالصفح والتسامح، لِنَرْأبَ الصَّدْعَ، ونُزيل أسباب الشقاق والغير.
 
نعم، يا مـــن تعيشون هذه الأزمة القاسية، تراحموا فــيمـــا بينكم، واعفوا واصفحوا عن بعضكم البعض، وارجعوا إلــى سُنَّةِ نبيكم صلى الالية علــىه وسلم.
 
فأنهت يا أيها المسيء، أسرِعْ للاعتذار، واطلب السمـــاح قبل أنه يدركك ملك الموت، وعندها تندم ولا ينفعك الندم.
 
وأنهت كذلك يا أيها المُساء إليه، اقبل عذرَ مَن اعتذر إليك، ولا تحرم نفسك نعمة ورود حوض سيدنا رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم؛ القائل كمـــا روى ذلك الحاكم مـــن حديث أبي هريرة رضي الالية عنه قال: قال رسول الالية صلى الالية علــىه وسلم: ((ومـــن أتاه أخوه متنصِّلًا – معتذرًا – فليقبل ذلك مـــنه، محقًّا كان أو مُبطلًا، فإن لم يقوم لم يَرِدْ علــىَّ الحوض)).
الاليةم طهِّر قلوبنا مـــن الغل والحقد والحسد وسائر الأمراض.
الاليةم واجعلنا ممّن يقابل الإساءة بالإحسان، والسيئة بالحسنة يا رب العالمين.
 
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

زر الذهاب إلى الأعلى