حياة كاملة – اليةة تعيش حياة كاملة متوازنة والتحــقق السالعودةة والنجاح فــيــها
لا شك أنه مـــا مـــن حياة علــى هذه الأرض تخلو مـــن تجارب الألم، ولا حالات الفرح، ولا تفــيض أحياناً بمشاعر الخوف والغضب والرومـــانسية حب والإستياء والإرومـــانسية حباط والقلق والأمل والسكينة والقوة والضعف والنصر والتحدي وااليةزيمة والإخفاق والحزن والبهجة؛ ولا يعتريها الوهن والذبول والمرض، ولا تمسح علــى كـــل ذلك يد الصحة والعافــية، ولا تتعاقب علــىها الظلمة والنور، والشدة والرخاء.
إنها الحياة، تفرض شروطها علــى الأحياء وتصبغهم بصبغتها، وهي فــي حركة دائبة لا تهدأ، وتدفق دائم لا يتوقف ولا ينقطع، مستمر إلــى مـــا شــاء الالية الية أنه يستمر.
قال تعإلــى فــي سورة البقرة:
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة/ 155 – 157
وقال فــي موضع آخر مـــن كتابه العزيز:
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)) الأنهبياء
ويقول أيضاً :
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (214) البقرة.
(وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)) النجم.
لقد شــاء الالية لحياة الإنسان علــى الأرض أنه تكون اختبارا لإيمـــانه وصبره وعزيمته وصدقه وأمـــانته وضبطه لنفسه وجهاده لأهـــوائه وسلامة قلبه وحسن خلقه؛ فجعاليةا متقلبة لا تثبت علــى حال، ليبتلى الإنسان فــي كـــل ظروفها وأحوااليةا.
فهـــو يبتلى بالصحة والمرض، والقوة والضعف، والشدة والرخاء، والحزن والفرح، والعطاء والمـــنع، وهي لا تحابي أحداً، ولا تتوقف عند أحد، ولا تتقصد أحداً، ولا تستثني أحداً إلا مـــا شــاء ربك.
هذه الفكرة البديهية جدا، تغيب فــي أحيان كثيرة عن أذهان العديد مـــن الناس، فــيعتقبدون فــي الشدائد مثلاً، كمـــا لو أنه الحياة تتسلط علــىهم، وتخصهم بهـــا بدون غيرهم، ذلك أنهم الأقل حظا أو الأضعف جانباً، وقد علموا أنه الرسل والأنهبياء كانوا الأكثر ابتلاء بالشدائد والأكثر تحملا اليةا وصبرا علــىها، ولم يكن هذا لسوء حظهم، ولا لضعف جانبهم.
أضف إلــى هذا أنه الإنسان حين يبتلى بشدة، فسرعان مـــا يتسلل إلــى نفسه اليأس مـــن زوااليةا، وإن كانت نعمة ورخاءا، فــيغلب علــىه الطمع فــي دوامها.
يقول تعإلــى فــي سورة الإسراء:
(وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلْإِنسَٰنِ أَعْرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسًا(83))
(وَأَضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُمَا بِنَخْل وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أكْلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَّلَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَر فَقَالَ لِصَّحِبهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِم لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هُذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36)) الكهف.
كثيرا مـــا يقع الإنسان ضحية لشعور أو فكرة تجعالية غير قادر علــى رؤية الحياة إلا مـــن خلااليةا، ويجد نفسه راغباً أو مرغمـــا علــى إيقاف الزمـــن عندها، ولكن الــذي يتوقف عن التقدم حقيقة إنمـــا الشخص نفسه، فــي حين أنه الزمـــن مستمر فــي مضيه، لا ينتظر ظلاً آخر أحداً ولا يأبه لأحد.
وهذا بالضبط هـــو مدار حديثي فــي هذا الكتاب، فكثير جدا مـــن مشاكـــل التفكير لدى البشر مـــنشؤها مـــن تجد هنا.
إن أعدادا هائلة مـــن البشر، وعلــى امتداد تاريخ البشرية الطويل أفنت حياتها سجينة فكرة أو شعور أو تجربة أو لحظة تركت تأثيرها العميق فــي نفوسهم، فاختاروا الإقامة فــيــها، مضحين فــي سبيل ذلك بكـــل شيء.
وقد سطر لنا تاريخ الشعر العربي قصصاً طريفة ومؤلمة، وصلت فــي شهرتها لآفاق بعيدة عن شعراء وقعوا أسرى لمشاعر رومـــانسية حب عاتية، وأفنوا حياتهم فــي سجونها، بعــد أنه أفقدتهم توازنهم وسلبتهم عقواليةم.
فمـــن لم يسمع بمجنون ليلى أو مجنون لبنى أو جميل بثينة الــذي كان مـــن قوم عرفوا بأنهم ” إذا عشقوا مـــاتوا”؟!
يقول قيس بن الملوح المعروف بمجنون ليلى فــي بعض شعره:
أصلي فمـــا أدري إذا مـــا ذكرتها
أثنتين صليت الضحى أم ثـــمـــانيا
أراني إذا صليت يممت اليةها
بوجهي وإن كان المصلى ورائيا
ومـــا بي إشراك ولكن رومـــانسية حبهـــا
وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا
خليلي إن ضنوا بليلى فقربا
النعش والأكفان واستغفرا ليا
وقال أيضاً :
يا ربّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبدًا
ويَرْحَمُ الالية عبدا قال : آمينا
وقال :
لَقَد ثَبَتَت فــي القَلبِ مِنكِ مَحَبَّةٌ
كَمـــا ثَبَتَت فــي الراحَتَينِ الأَصابِعُ
والمعضلة الكبرى تجد هنا ليست فــي السجون التــي يجد هؤلاء أنهفسهم عالقون خلف قضبانها، وإنمـــا فــي رفضهم للتحرر مـــنها، ومقاومته بكـــل مـــا أوتوا مـــن قوة، فهم يفضلون الموت بكـــل ثقالية فــي داخاليةا، علــى الحياة بكـــل مباهجها والفرصا واحتمـــالاتها خارجها، ألم تسمع إلــى مـــا يقوالية قيس بن الملوح:
يا رَبُّ لا تَسلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً
وَيَرحَمُ الاليةُ عَبداً قالَ آمينا
راقب افكارك لانها ستصبح عبارات
راقب عباراتك لانها ستتحول إلــى افعال
راقب افعالك لانها ستتحول إلــى العودةات
راقب العودةاتك لانها ستكون شخصيتك
راقب شخصيتك لانها ستحدد مصيرك.
لاوتسي
مـــا الــذي جعل صديقي غسان يبكي؟
كنت أنها وغسان مدرسين فــي ذات فــي المدرسة، تزاملنا فــيــها لسنوات، وارتبطنا بصداقة متينة.
كان غسان عالقاً فــي فكرة أنه الحياة تتقصده وتترصده، وتستأهدافك إفشاالية وإفقاره، وإزعاجه ومقاومة تقدمه، وسلب السكينة مـــن نفسه وقلبه، وكانت الحياة بدورها التحــقق نبوءته دائمـــاً.
أحيانا كان يرسل بعض الطلبة ليشتروا الية شيئاً يأكـــالية، ويوصيهم ويؤكد علــىهم مراراً أنه لا يحضروا نوعاً محددا مـــن الطعام، لأنه لم يكن يستسيغه، فكان هذا النوع هـــو مـــا يحضرونه الية متعمدين استفزازه، فــيستشيط غضباً، ويتعإلــى صوته بالشتائم التــي تطال علينا ولا تستثني أحداً، أمـــا هم فــيشيحون بوجوههم إلــى ناحية أخرى، ويبتسمون بخبث. بعــدها كان ينظر إلي ويقول: هل ترى؟ كأنه يريني دليلاً دامغا علــى صدق نظريته.
ذات يوم خرجت مـــن غرفة بالصف مبكراً قليلاً، وتوجهت إلــى غرفة المعلمين لأقرع الجرس، فوجدت غسان يجلس فــيــها وحيدا وقد وضع رأسه علــى الطاولة، كأنه فــي سبات عميق.
ناديته فرفع رأسه بتثاقل، وبدا أنه كان يبكي بحرقة وصمت، اقتربت مـــنه متسائلاً عن سبب هذا وقد أخافني الأمر حقا، فمـــا يبكي الرجال ليس شيئاً هينا.
قال لي: قبل قليل جاءني ولي أمر أحد الطلبة يسأل عن ابنه، وكنت أنها وولي الأمر هذا فــي بالصف ذاته، وفــي المقعد ذاته، وكان هذا قبل عشرين عامـــا.
جعلني هذا أسرح فــي مخيلتي مقارنا بين حيث اليوم والأمس، فكانت مقارنة مؤلمة جداً وقاتمة.
صديقي كان مشاكسا ومتسربا مـــن فــي المدرسة، وبغير مكترث اليةا مطلقاً، إلــى أنه تركها أخيراً ونهائيا، فــي حين كنت أنها مثالاً للالطلبة المهذب المجتهد والمواظب.
حين نظرت إلــى مـــا آل إليه كـــل مـــنا بعــد هذه السنوات صدمـــني الأمر، فصديقي يعمل فــي شركة مرموقة، ويتقاضى أضعاف راتبي، ولديه مشاريعه التجارية الناجحة، وعقاراته المتناثرة فــي أمـــاكن متمجموعةة، فــي حين لا أملك ربع مـــنزل فــي أي مكان، ولازلت أتانتقال بين البيوت المستأجرة تجد هنا وتجد هناك.
صديقي تزوج مبكراً، وأبناؤه حيث اليوم فــي سن الشباب، أمـــا أنها فتزوجت متأخرا، وأنها حالياً علــى مشارف التقاعد فــيمـــا ابني الأكبر لم يولج فــي المدرسة بعــد.
بعــد سنة أو اثنتين تقاعد غسان مـــن وظيفته، وسافر إلــى بلد مجاور ليستقر فــيــه، جدير بالذكر كان يستطيع بفارق العملة بين البلدين وبمـــا يملك مـــن المـــال الــذي حصل علــىه كمكافأة لنهاية خدمته، أنه يشتري مـــنزلاً صغيراً، ويبني لأولاده مشروعا يكبر معهم، وهذا مـــا كان.
لكن الرياح لم تجري كمـــا اشتهت سفــينته، فمـــا هي إلا بضعة أشهــر واشتعلت الحرب فــي ذلك البلد، وأتت علــى كـــل مـــا بناه ومـــا خطط الية، والعودة إلــى موطنه الأصلي لاجئاً وهاربا ومشردا، بعــد أنه ذاق مـــا ذاقه مـــن ويلات الحرب ورعبهـــا ودمـــارها.
بعــد الأيام قلائل مـــن عودته فارق غسان الحياة، مـــات همـــا وقهرا وكمدا.
مـــا أريد قوالية تجد هنا: لا تقتطع جزءا مـــن الحياة أو مشهداً مـــن مشاهدها وتجعل مـــنه الحياة، وتعيش فــي سجنه، بل احرص علــى أنه تعيش حياة كاملة متسعة، تجعل فــيــها كـــلا مـــن الشكر والصبر جناحاك، ومـــن الأمل بالالية والثقة به فضاءك الررومـــانسية حب.
واعمل علــى التخفف مـــن كـــل أثقالك التــي تشدك إلــى الأسفل، أو تعيدك إلــى الوراء، سواء كانت فكرة أو خبرة مؤلمة، أو أيا مـــا تكن مـــن مشاعر الرومـــانسية حب أو الكره أو الحقد أو الظلم أو القهر، والتــي مـــن الممكن أنه تجعلك أسيراً اليةا.
فالحياة أكثر اتساعاً مـــن مجرد فكرة أو خبرة أو شعور، بل ويمكن اليةا أنه تغسل عن نفسك وروحك كـــل هذا، وتذهب به بعيداً خــلال تدفقها، ويمكن اليةا أنه تضيق إلــى الحد الــذي لا تقوى علــى احتمـــاالية لو أردتها كذلك.
الاختيار لك فأنهت مـــن سيقطف الثـــمرة، أو يدفع الثـــمـــن.